الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
أما الأحاديث فمن من الكتب المشهورة كجامع الأصول والمصابيح وغيرهما، وإما من كتاب الكشاف والتفسير النقاد زيفها إلا ما شذ منها.وأما الوقوف فللإمام السجاوندي مع اختصار لبعض تعليلاتها وإثبات للآيات لتوقفها على التوقيف.وأما أسباب النزول فمن كتاب (جامع الأصول والتفسيرين) أو من (تفسير الواحدي).وأما اللغة فمن (صحاح الجوهري) ومن (التفسيرين) كما نقلا.وأما المعاني والبيان وسائر المسائل الأدبية فمن التفسيرين والمفتاح وسائر الكتب العربية، وأما الأحكام الشرعية فمنهما ومن الكتب المعتبرة في الفقه ولاسيما (شرح الوجيز) للإمام الرافعي.وأما التأويل فأكثرها للشيخ المحقق المتقى المتقن نجم الملة والدين المعروف بداية قدس نفسه وروّح رمسه.وطرف منها مما دار في خلدي وسمحت به ذات يدي غير جازم بأنه المراد من الآية بل خائف من أن يكون ذلك جرأة مني وخوضًا فيما لا يعنيني.وإنما شجعني على ذلك سائر الأمة الذين اشتهروا بالذوق والوجدان وجمعوا بين العرفان والإيمان والإتقان في معنى القرآن الذي هو باب واسع يطمع في تصنيفه كل طامع، فإن أصبت فبها وإن أخطأت فعلى الإمام ماشها والعذر مقبول عند أهل الكرم والنهي والله المستعان لنا ولهم في مظان الخلل والزلل، وعلى رحمته التكلان في محال الخطأ والخطل، فعلى المرء أن يبذل سوعه لإدراك الحق ثم الله معين لإراءة الصواب ومعين لإلهام الصدق.وكذا الكلام في بيان الرباطات والمناسبات بين السور والآيات، وفي أنواع التكريرات وأصناف المشتبهات فإن للخواطر والظنون فيها مجالًا، وللناس الأكياس في استنباط الوجوه والنسب هنالك مقالا، فعليك أيها المتأمل الفطن والمنصف المتدين أن لا تبادر في أمثال هذه المقامات إلى الاعتراض والإنكار، وتقرّ بأن للمؤلف في إعمال القريحة هنالك أجر الافتكار والابتكار، وتعمل فكرتك الصائبة وفطنتك الثاقبة في إبداء وجه جميل لما قرع سمعك، وتتعب خاطرك اليقظان وذهنك العجيب الشان في إبرار محمل لطيف لما ينافي الحال طبعك.ثم إن استبان لك حسن ذلك الوجه فانصف تلفح، وإن غلب على ظنك قبحه فأصلح أو اسجع فإن لكل جواد كبوة ولكل حسان نبوة، وضيق البصر وطغيان القلم موضوعان، والخطأ والنسيان عن هذه الأمة مرفوعان، وإني لم أمل في هذا الإملاء إلاّ إلى مذهب أهل السنة والجماعة فبينت أصولهم ووجوه استدلالاتهم بها وما ورد عليها من الاعتراضات والأجوبة عنها.وأما في الفروع فذكرت استدلال كل طائفة بالآية على مذهبه من غير تعصب ومراء وجدال وهراء، فاختلاف هذه الأمة رحمة، ونظر كل مجتهد على لطيفة وحكمة، جعل الله سعيهم وسعينا مشكورًا، وعملهم وعملنا مبرورًا.ولقد وقفت لإتمام هذا الكتاب في مدة خلافة علي رضي الله عنه وكنا نقدر إتمامه في مدة خلافة الخلفاء الراشدين وهي ثلاثون سنة، ولو لم يكن ما اتفق في أثناء التفسير من وجود الأسفار الشاسعة وعدم الأسفار النافعة، ومن غموم لا يعدّ عديدها وهموم لا ينادي وليدها، لكان يمكن إتمامه في مدّة خلافة أبي بكر كما وقع لجار الله العلامة، وكما أنه رأى ذلك ببركة جوار بيت الله الحرام فهذا الضعيف أيضًا يرجو أن يرزقني الله تعالى ببركة إتمام هذا الكتاب زيارة هذا المقام ويشرفني بوضع الخد على عتبة مزار نبيه المصطفى محمد النبي الأمي العربي عليه وآله الصلاة والسلام فاسمع واستجب يا قدير ويا علام.واعلموا إخواني رحمنا الله وإياكم وجعل الجنة مثوانا ومثواكم، أن لكل مجتهد نصيبًا قل أو أكثر، ولكل نفس عاملة قسطًا نقص أو كمل، وأن الأعمال بالنيات وبها تجلب البركات وترفع الدرجات، وأن المرء بأصغريه وكل عمل ابن آدم سوى الخير كلّ عليه، والذي نفسي بيده وناصيتي بحكمه ومشيئته، عالم بسري ومحيط بنيتي أني لم أقصد في تأليف هذا التفسير مجرد جلب نفع عاجل لأن هذا الغرض عرض زائل ولا يفتخر عاقل بما ليس تحته طائل.
وهل يشرئب إلى الأمور الفانية أو يستلذ بها من وهو من أعضائه عظامها.وكاد يفتر من قواه أكثرها بل تمامها؟ وإنما كان المقصود جمع المتفرق، وضبط المنتشر، وتبيين بعض وجوه الإعجاز الحاصل في كلام رب العالمين، وحل الألفاظ في كتب بعض المفسرين بقدر وسعي وحد علمي، وعلى حسب ما وصل إليه استعدادي وفهمي، والقرآن أجل ما وقف عليه الذهن والخاطر، وأشرف ما صرف إليه الفكر والناظر، وأعمق ما يغاض على درّه ومرجانه، وأعرق ما يكد في تحصيل لحينه، ولو لم تكن العلوم الأدبية بأنواعها والأصولية بفروعها، والحكمية بجملها وتفاصيلها وسيلة إلى فهم معاني كتاب الله العزيز واستنباط نكتها من معادنها واستخراج خباياها من مكامنها لكنت متأسفًا على ما أزجيت من العمر في بحث تلك القواليب، وأملت من الفكر في تأليف ما ألفت في كل أسلوب من أولئك الأساليب، ولكن لكل حالة آلة، ولكل أرب سبب، وطالما أغليت المهور للعقائل وجنبت الوسائل للأصائل.قال الشاعر: وكان من معاصم المقاصد من إنشاء هذا التفسير أن يكون جليسي مدّة حياتي، وأنيسي في وقت مماتي حين لا أنيس للمرء إلا ما أسلف من بره، ولا ينفع الإنسان إلا ما قدّم من خيره.ولعمري إنه للمبتل المنيب الأوّاه نعم العون على تلاوة كتاب الله العزيز ومحضرة مع القراءة ووجهها إن اشتبه عليه شيء منها، ومع الآي والوقوف إن ذهل عن أماكنها ومظانها، وكذا التفسير بتمامه إن أراد البحث عن الحقائق أو عزب عنه شيء من تلك الدقائق، وكذا التأويل إن كان مائلًا إلى بطون الفرقان وسالكًا سبيل الذوق والعفان.وإني أرجو من فضل الله العظيم وأتوسل إليه بوجهه الكريم، ثم بنبيه القرشيّ الأبطحيّ، ووليه المعظم العليّ وسائر أهل الغر الكرام وأصحابه الزهر والعظام، وبكل من له عنده مكان ولديه قبول وشان، أن يمتعني بتلاوة كتابه في كل حين وأوان من تفسير غرائب القرآن ورغائب الفرقان على الوجه الذي ذكرت، ولأجل هذا لقيت في تأليفه من عرق الجبين وكد اليمين ما لقيت.وأن يعم النفع به لسائر إخواني في الدين ورفقائي في طلب اليقين، ثم أن يجعله عدّة في ليلة يرجع من قبري العشائر والأهلون، وذخيرة يوم لا ينفع مال ولا بنون والحمد لله رب العالمين، والعاقب للمتقين، والصلاة والسلام على جميع الأنياء والمرسلين خصوصًا على رسوله المصطفى الأمين محمد وأله وصحبه أجمعين. اهـ. .مقدمة النسفي: قال رحمه الله:بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِالحمد لله المنزه بذاته عن إشارة الأوهام المقدس بصفاته عن إدراك العقول والأفهام المتصف بالألوهية قبل كل موجود الباقي بالنعوت السرمدية بعد كل محدود الملك الذي طمست سبحات جلاله الأبصار المتكبر الذي أزاحت سطوات كبريائه الأفكار القديم الذي تعالى عن مماثلة الحدثان العظيم الذي تنزه عن مماسة المكان المتعالي عن مضاهاة الأجسام ومشابهة الأنام القادر الذي لا يشار إليه بالتكييف القاهر الذي لا يسأل عن التحميل والتكليف العليم الذي خلق الإنسان وعلمه البيان الحكيم الذي نزل القرآن شفاء للأرواح والأبدان والصلاة والسلام على المستل من أرومة البلاغة والبراعة المحتل في بحبوحة النصاحة والفصاحة محمد المبعوث إلى خليقته الداعي إلى الحق وطريقته صلى الله عليه وسلم وعلى آله وشيعته قال مولانا الشيخ الإمام المعظم والحبر الهمام المقدم أستاذ أهل الأرض محيي السنة والفرض كشاف حقائق أسرار التنزيل مفتاح أسرار حقائق التأويل ترجمان كلام الرحمن صاحب علم المعاني والبيان الجامع بين الأصول والفروع المرجوع إليه في المعقول والمسموع حافظ الملة والدين شيخ الإسلام والمسلمين وارث علوم الأنبياء والمرسلين أكمل فحول المجتهدين قدوة قروم المحققين ذو السعادات والكرامات أبو البركات عبد الله بن أحمد بن محمود النسفي نفع الله الإسلام بطول بقائه والمسلمين بيمن لقائه قد سألني من تتعين إجابته كتابا وسطا في التأويلات جامعا لوجوه الإعراب والقراءات متضمنا لدقائق علمي البديع والإشارات حاليا بأقاويل أهل السنة والجماعة خاليا عن أباطيل أهل البدع والضلالة ليس بالطويل الممل ولا بالقصير المخل وكنت أقدم فيه رجلا وأؤخر أخرى استقصارا لقوة البشر عن درك هذا الوطر وأخذا لسبيل الحذر عن ركوب متن الخطر حتى شرعت فيه بتوفيق الله والعوائق كثيرة وأتممته في مدة يسيرة وسميته بمدارك التنزيل وحقائق التأويل وهو الميسر لكل عسير وهو على ما يشاء قدير وبالإجابة جدير. اهـ..مقدمة البيضاوي: قال رحمه الله:الحمد لله الذي نزل على عبده ليكون للعالمين نذيرا فتحدى بأقصر سورة من سورة مصاقع الخطباء من العرب العرباء فلم يجد به قديرا وأفحم من تصدى لمعارضته من فصحاء عدنان وبلغاء قحطان حتى حسبوا أنهم سحروا تسحيرا ثم بين للناس ما نزل إليهم حسبما عن لهم من مصالحهم ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب تذكيرا فكشف لهم قناع الانغلاق عن آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات هي رموز الخطاب تأويلا وتفسيرا وأبرز غوامض الحقائق ولطائف الدقائق ليتجلى لهم خفايا الملك والملكوت وخبايا قدس الجبروت ليتفكروا فيها تفكيرا ومهد لهم قواعد الأحكام وأوضاعها من نصوص الآيات وألماعها ليذهب عنهم الرجس ويطهرهم تطهيرا فمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيدا فهو في الدارين حميد وسعيد ومن لم يرفع إليه رأسه وأطفأ نبراسه يعش ذميما ويصلى سعيرا فيا واجب الوجود ويا فائض الجود ويا غاية كل مقصود صلى عليه صلاة توازي غناءه وتجازي عناءه وعلى من أعانه وقرر تبيانه تقريرا وأفض علينا من بركاتهم واصلك كراماتهم وسلم عليهم وعلينا تسليما كثيرا (وبعد) فإن أعظم العلوم مقدارا وأرفعها شرفا ومنارا علم التفسير الذي هو رئيس العلوم الدينية ورأسها ومبنى قواعد الشرع وأساسها لا يليق لتعاطيه والتصدي للتكلم فيه إلا من برع في العلوم الدينية كلها وأصولها وفروعها وفاق في الصناعات العربية والفنون الأدبية بأنواعها ولطالما أحدث نفسي بأن أصنف في هذا الفن كتابا يحتوي على صفوة ما بلغني من عظماء الصحابة وعلماء التابعين ومن دونهم من السلف الصالحين وينطوي على نكت بارعة ولطائف رائعة استنبطتها أنا ومن قبلي من أفاضل المتأخرين وأماثل المحققين ويعرب عن وجوه القراءات المشهورة المعزوة إلى الأئمة الثمانية المشهورين والشواذ المروية عن القراء المعتبرين إلا أن قصور بضاعتي يثبطني عن الإقدام ويمنعني عن الانتصاب في هذا المقام حتى سنح لي بعد الاستخارة ما صمم به عزمي على الشروع فيما أردته والإتيان بما قصدته ناويا أن أسميه بعد أن أتممه بأنوار التنزيل وأسرار التأويل. اهـ..مقدمة ابن جزي: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِقال الشيخ الفقيه الإمام العالم العلم العلامة فريد دهره ووحيد عصره أبو عبد الله محمد المدعو بالقاسم ابن أحمد بن محمد بن جزي الكلبي رضي الله عنه وأرضاه وجعل الجنة مأواه بحرمة النبي الأواه: الحمد لله العزيز الوهاب مالك الملوك ورب الأرباب هو الذي أنزل على عبده الكتاب هدى وذكرى لأولي الألباب وأودعه من العلوم النافعة والبراهين القاطعة غاية الحكمة وفصل الخطاب وخصصه من الخصائص العلية واللطائف الخفية والدلائل الجلية والأسرار الربانية العجب بكل عجب عجاب وجعله في الطبقة العليا من البيان حتى أعجز الإنسان والجان واعترف علماء أرباب اللسان بما تضمنه من الفصاحة والبراعة والبلاغة والإعراب والإغراب ويسر حفظه في الصدور وضمن حفظه من التبديل والتغيير فلم يتغير ولا يتغير على طول الدهور وتوالي الأحقاب وجعله قولا فصلا وحكما عدلا وآية بادية ومعجزة باقية يشاهدها من شهد الوحي ومن غاب وتقوم بها الحجة للمؤمن الأواب والحجة على الكافر المرتاب وهدى الخلق بما شرع فيه من الأحكام وبين الحلال والحرام وعلم من شعائر الإسلام وصرف من النواهي والأوامر والمواعظ والزواجر والبشارة بالثواب والنذارة بالعقاب وجعل أهل القرآن أهل الله وخاصته واصطفاهم من عباده وأورثهم الجنة وحسن المآب فسبحان مولانا الكريم الذي خصنا بكتابه وشرفنا بخطابه فياله من نعمة سابغة وحجة بالغة اوزعنا الله الكريم القيام بواجب شكرها وتوفية حقها ومعرفة قدرها وما توفيقي إلا بالله هو ربي لا إله إلا هو عليه توكلت وإليه متاب وصلاة الله وسلامه وتحياته وبركاته وإكرامه على من دلنا على الله وبلغنا رسالة الله وجاءنا بالقرآن العظيم وبالآيات والذكر الحكيم وجاهد في الله حق الجهاد وبذل جهده في الحرص على نجاة العباد وعلم ونصح وبين وأوضح حتى قامت الحجة ولاحت المحجة وتبين الرشد من الغي وظهر طريق الحق والصواب وانقشعت ظلمات الشك والارتياب ذلك سيدنا ومولانا محمد النبي الأمي القرشي الهاشمي المختار من لباب اللباب والمصطفى من أطهر الأنساب وأشرف الأحساب الذي أيده الله بالمعجزات الظاهرة والجنود القاهرة والسيوف الباترة الغضاب وجمع له بين شرف الدنيا والآخرة وجعله قائدا للغر المحجلين والوجوه الناضرة فهو أول من يشفع يوم الحساب وأول من يدخل الجنة ويقرع الباب فصلى الله عليه وعلى آله الطيبين وأصحابه الأكرمين خير أهل وأصحاب صلاة زاكية نامية لا يحصر مقدارها العد والحساب ولا يبلغ إلى أدنى وصفها ألسنة البلغاء ولا أقلام الكتاب أما بعد فإن علم القرآن العظيم هو أرفع العلوم قدرا وأجلها خطرا وأعظمها أجرا وأشرفها ذكرا وأن الله أنعم علي بأن شغلني بخدمة القرآن وتعلمه وتعليمه وشغفني بتفهم معانيه وتحصيل علومه فاطلعت على ما صنف العلماء رضي الله عنهم في تفسير القرآن من التصانيف المختلفة الأوصاف المتباينة الأصناف فمنهم من آثر الاختصار ومنهم من طول حتى كثر الأسفار ومنهم من تكلم في بعض فنون العلم دون بعض ومنهم من اعتمد على نقل أقوال الناس ومنهم من عول على النظر والتحقيق والتدقيق وكل أحد سلك طريقا نحاه وذهب مذهبا ارتضاه وكلا وعد الله الحسنى فرغبت في سلوك طريقهم والانخراط في مساق فريقهم وصنفت هذا الكتاب في تفسير القرآن العظيم وسائر ما يتعلق به من العلوم وسلكت مسلكا نافعا إذ جعلته وجيزا جامعا قصدت به أربع مقاصد تتضمن أربع فوائد الفائدة الأولى جمع كثير من العلم في كتاب صغير الحجم تسهيلا على الطالبين وتقريبا على الراغبين فلقد احتوى هذا الكتاب على ما تضمنته الدواوين الطويلة من العلم ولكن بعد تلخيصها وتمحيصها وتنقيح فصولها وحذف حشوها وفضولها ولقد أودعته من كل فن من فنون علم القرآن اللباب المرغوب فيه دون القشر المرغوب عنه من غير إفراط ولا تفريط ثم إني عزمت على إيجاز العبارة وإفراط الاختصار وترك التطويل والتكرار الفائدة الثانية ذكر نكت عجيبة وفوائد غريبة قلما توجد في كتاب لأنها من نبات صدري وينابيع ذكري ومما أخذته عن شيوخي رضي الله عنهم أو مما التقطته من مستظرفات النوادر الواقعة في غرائب الدفاتر الفائدة الثالثة إيضاح المشكلات إما بحل العقد المقفلات وإما بحسن العبارة ورفع الاحتمالات وبيان المجملات الفائدة الرابعة تحقيق أقوال المفسرين السقيم منها والصحيح وتمييز الراجح من المرجوح وذلك أن أقوال الناس على مراتب فمنها الصحيح الذي يعول عليه ومنها الباطل الذي لا يلتفت إليه ومنها ما يحتمل الصحة والفساد ثم إن هذا الاحتمال قد يكون متساويا أو متفاوتا والتفاوت قد يكون قليلا أو كثيرا وإني جعلت لهذه الأقسام عبارات مختلفة تعرف بها كل مرتبة وكل قول فأدناها ما أصرح بأنه خطأ أو باطل ثم ما أقول فيه إنه ضعيف أو بعيد ثم ما أقول إن غيره أرجح أو أقوى أو أظهر أو أشهر ثم ما أقدم غيره عليه إشعارا بترجيح المتقدم أو بالقول فيه قيل كذا قصدا للخروج من عهدته وأما إذا صرحت باسم قائل القول فإني أفعل ذلك لأحد أمرين إما للخروج عن عهدته وإما لنصرته إذا كان قائله ممن يقتدي به على أني لست أنسب الأقوال إلى أصحابها إلا قليلا وذلك لقلة صحة إسنادها إليهم أو لاختلاف الناقلين في نسبتها إليهم وأما إذا ذكرت شيئا دون حكاية قوله عن أحد فذلك إشارة إلى أني أتقلده وأرتضيه سواء كان من تلقاء نفسي أو مما أختاره من كلام غيري وإذا كان القول في غاية السقوط والبطلان لم أذكره تنزيها للكتاب وربما ذكرته تحذيرا منه وهذا الذي من الترجيح والتصحيح مبني على القواعد العلمية أو ما تقتضيه اللغة العربية وسنذكر بعد هذا بابا في موجبات الترجيح بين الأقوال إن شاء الله وسميته كتاب التسهيل لعلوم التنزيل وقدمت في أوله مقدمتين إحداهما في أبواب نافعة وقواعد كلية جامعة والأخرى فيما كثر دوره من اللغات الواقعة وأنا أرغب إلى الله العظيم الكريم أن يجعل تصنيف هذا الكتاب عملا مبرورا وسعيا مشكورا ووسيلة توصلني إلى جنات النعيم وتنقذني من عذاب الجحيم ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. اهـ.
|